منتديات سرتا الأدبية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات سرتا الأدبية

اقرأ ففي البدء كانت الكلمة..و في النهاية تبقى الكلمة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 استبطان الوعي الداخلي للشخصيات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
mohamed
زائر




استبطان الوعي الداخلي للشخصيات Empty
مُساهمةموضوع: استبطان الوعي الداخلي للشخصيات   استبطان الوعي الداخلي للشخصيات Emptyالخميس سبتمبر 20, 2007 2:24 am

الكتابة للأطفال من أصعب الأشياء بالنسبة لكاتب يريد ولوج هذا النوع الأدبي الصعب، لأنه يتطلب من الكاتب مهارة لغوية، وبساطة في السرد والتحليل، ودراية بعلم النفس الطفل.
وفي المكتبة المغربية اليوم أسماء لكتاب تخصصوا في أدب الأطفال. والقصة التي اخترناها للدراسة، هي: قصة( الأمير الغراب) للأستاذ عبد السلام البقالي، بعنوانها القرائي الملفت للانتباه.
ويمكن تقسيم القصة إلى عناوين حتى يسهل الدخول إلى عالمها:
1- الحكاية الحدث بين العقدة والحل :
القصة تقوم على حكاية بسيطة، وهي حكاية أمير صغير يدعى ضياء المجد. كان يعامل كل من حوله معاملة فظة غليظة. وذات مرة يفيق من نومه ليجد نفسه قد تحول إلى غراب مرفوض، ومنبوذ من طرف الغربان والناس، وذويه. يمس به أحد الخدم ويقدمه إلى والدته التي تقدمه إلى العرافة التي أكدت بأن إحراقه سيعيد الأمير الغائب. وما تكاد العرافة تلقي به في التنور الملتهب، حتى يستيقظ جزعا، باكيا، وساعتها يغير طباعه الفاسدة، ليعامل كل من حوله معاملة حسنة طيبة، ملؤها الحب والاحترام.
هذه الحكاية تنبني على أحداث ثلاثة أساسية، أو مواقف ثلاثة. كل حدث يرتبط بما بعده. وهي تنمو بنمو الأحداث بطريقة منطقية ، وهي كالتالي:
- موقفه من حيوانات القصر وخدامه.
- موقفه مع جماعة الغربان بعد تحوله إلى غراب .
- موقفه مع العرافة ونهاية القصة .
وزيادة على الحكاية، هناك عقدة، والتي تدفع بالقصة نحو الذروة التي تبلغها الأحداث. وهذه العقدة تنفرج رويدا رويدا.
والعقدة في القصة محددة. وهي عندما استيقظ الأمير ضياء المجد وجد نفسه قد تحول إلى غراب، ثم عندما حاولت العرافة رميه في التنور. وهذه العقدة قدمها الكاتب ضمن الحدث القصصي إلى الطفل في شيء من التشويق، والإثارة، والتعزيز، الشيء الذي يجعل الطفل/ القارئ يتشوق إلى معرفة الحل، أو يسرع في قراءتها ليصل إلى النهاية ليعرف الحل. وانفراج القصة يجعله يشعر بلذة، وسعادة. هذا الحل الذي يبين انتصار الحق على الباطل، والخير على الشر، والمعروف على المنكر، والإحسان على الإجحاد.
وقد اعتمد عبد السلام البقالي في تقديم هذا الحدث، أو هذه الحكاية على بعض الحوارات والأحاديث المختلفة التي تتبادلها شخصيات القصة. وهو عامل مهم في نجاح القصة لأنه عنصر رئيس من عناصر البناء الفنين ويقصد به الكاتب إلى تحقيق المشاركة الوجدانية بينه وبين قارئه الطفل .
كما انه يساعده على الشعور والإحساس بالمتعة، واللذة والقرائية: << لماذا تقول ( مسخ) ولا تقول ( تحول) إلى غراب، أي تغير من أسوأ إلى أحسن، أراده الله أن يتعلم حكمة الغربان، ليصبح واليا رشيدا.
فأجابه الغراب الشاب:
- ولكن البشر يتشاءمون منا.
وأيده غراب كبير:
- قيقة، ولا يذكرون اسم الغراب إلا مقرونا بالبين، أو النحس والشؤم.>>
( ص: 40).
2- البعد الزماني والمكاني ونهاية الحدث القصصي:
هذا الحدث يدور في فضاء زماني ومكاني محدد. فهناك تيمات زمانية تحدد لنا الفضاء الزماني الذي تدور فيه القصة، مثل: ( أسبوعا- مساء الخير- انعم الله مساء سيدي- مساء سعيد- دخل فراشه- اللحظة- الظلام- النهار- سيعم الظلام- الصباح- ساعة الفجر..) زيادة على زمان الفعل الموظف في النص.
وكما نلاحظ، فهو زمان محدود. وهذا مقصود من الكاتب حتى لا يتشتت ذهن الطفل/ القارئ، وينجرف بعيدا.
ثم إن الطفل في مرحلته الطفولية المدرسية لم ينم بعد إدراكه لزمان، ولذلك جاءت هذه المدلولات الزمانية عفوية، وعرضية لتحدد بعض مجريات الأحداث وأفعالها.
أما المكان ، فهو ضيق ومحدود. وهذا أيضا مقصود من طرف الكاتب ليحصر الحدث في مجال يستطيع الطفل إدراكه، وتتبعه. وهكذا نجد الفضاء الجغرافي الدال على المكان يتحدد ب( الحديقة- القصر- مخدع النوم- المطبخ- الغرفة- صحن القصر وأركانه وبهوه- الدهليز المظلم- مزبلة القصر- الفراش- ردهات القصر- غابته- فضاء القصر).
وهذا الحدث له نهاية. فهي كما نعرف هو الشعور الفني الذي تختم به القصة. وقصة( الأمير الغراب) قد انتهت نهاية سعيدة، سارة ، طيبة. حيث انتصر الحق على الباطل، والخير على الشر. وذلك لأن الأمير( ضياء المجد) استيقظ صارخا مفزوعا، باكيا، ثم اخذ يعامل كل من في القصر بأدب، واحترام، واجبر خاطر كل من أساء إليه. وهكذا تنتهي القصة نهاية سعيدة كان ينتظرها القارئ الصغير، ولم تتطلب منه جهدا، أو تفكيرا أو اختلاقا لنهاية من عنديته .
3- الشخصيات:
عند قراءة القصة( الأمير الغراب) نجد أنها تشتمل على شخصيات نامية. وكانت الشخصي النامية الواضحة الرئيسة هي شخصية ( الأمير ضياء المجد)، التي تتسم بالوضوح في تصرفاتها وملامحها، وفي سلوكياتها. فالحدث الدرامي يتوقف على هذا البطل( ضياء المجد) وسلوكه ينمي الحدث، ويدفع به نحو الحل. كما أن سلوكها الذي هو جزء من الحدث، مفهوم من طرف القارئ.
كما انه إلى جانب الشخصية الرئيسة المحورية، هناك شخصيات ثانوية هلامية، تساهم في تصعيد الحدث وتطويره، وخلق العقدة، والحل لها.
هذه الشخصيات الثانوية منها: ( الخادمة وبنتها- الدادة الحاجة- مسعودة- الوزير وكاتبه- معلم الأمير- أم الأمير- السلطان سراج الدين- الحراس الأربعة- مبروكة- الخادم- الطباخات- زبيدة- العرافة). وهذه كلها شخصيات محورية تتحرك جميعها في أبعاد الأحداث نفسها .
وقد اعتمد عبد السلام البقالي التحليل النفسي لبعض الشخصيات لاستبطان الوعي الداخلي لها. فالأحداث لا قيمة لها إلا في كشفها عن الوعي والعمق. وقد لجأ في الكشف عن هذا بالحديث النفسي للشخصيات، خاصة( ضياء المجد). كما أنه جاء بما يسمى بشخصيات الأضداد، أي تباين الشخصيات واختلافها .
كما أننا نجد إلى جانب الشخصيات الآدمية شخصيات حيوانية، ساهمت في تطوير الحدث، وتصعيدهن كالقطة، والديك، والغراب العجوز( سحيم)، وسرب الغربان، والنسر المفترس... وهذه الشخصيات الحيوانية معروفة و مألوفة من طرف الطفل. فهي جزء من عالمه الحيواني الخاص.
4- القيم التربوي والأخلاقية:
وهذه القصة تتضمن مجموعة من القيم التربوية ، والمعايير الأخلاقية، التي تحقق الاطمئنان، والحاجات النفسية. وهي كذلك جزء من ثقافة الطفل، التي تنتقل إليه من مجتمعه، وأسرته ومدرسته، ومقروئه. وهي تقدم للطفل/ القارئ مشكلة خلقية بصورة جميلة، واضحة تشعر الطفل بالتحسين والتقبيح. قيم تتوفر على عمليات سلوكية أخلاقية هامة. وهي المحاكاة، والإيحاء والتقمص، حيث إن الطفل يحاكي الشخصية المتأثر بها في حياته اليومية. فإن كان سلوك الشخوص حسنا فإنه يريد اتخاذه أنموذجا. وغن كان طالحان فإنه يريد أن يتجنبه، محاكيا الحل الذي وصل إليه انفراج العقدة في القصة. ثم الإيحاء وهو ييسر للطفل استيعاب العادات الشخصية، والاجتماعية الحسنة، ويمكن أن يكون العكس.
أما التقمص، فهو تشرب الطفل لشخصية محببة لديه، خاصة إذا ما كانت تدعو إلى المحبة والإعجاب، والتقدير، والافتخار. ويمكن في بعض الحالات أن يتقمص شخصية ذات سلوك عدواني. والقيمة التي تتمحور حولها القصة عامة، هي القيم الاجتماعية التي تهدف إلى تحقيق الذات والاعتراف بالخطإ، والابتعاد عن الظلم، والاعتداء، واحتقار الغير. بل مد يد المساعدة إلى الناس، واحترام الغير، ومحبتهم، ومراعاة شعورهم.
كما أن من القيم التربوية لها، أنها تشبع الحاجات النفسية لدى الطفل. إذ تشجع فيه حاجاته إلى الأمن، والطمأنينة. والحاجة إلى أن يكون محبوبا ومحبا. وتثبت فيه الحاجة على الانتماء للأسرة ثم للوطن.
5- الجو العام في القصة:
الجو العام في القصة، أي ما تثيره القصة من انطباعات، وانفعالات سارة، أو غيرها، فهي تثير التفاؤل، والإحساس بالسعادة، والبهجة، والحب، والفرحة، والأمل، وتحقيق العدالة وانتصار الخير على الشر. كما تشعر بالألم عند ظلم الغير، وبالسعادة والطمأنينة عند مساعدة الآخرين، ومبادلتهم الحب. كما أنها تزود الطفل بالخبرات، غير المباشرة، وتحقق له المتعة والتسلية .
6- اللغة المستعملة في القصة :
استعمل الكاتب لغة سهلة، واضحة الكلمات، مشكولة حتى يسهل قراءتها. واستعمل كذلك جملا قصيرة، لأن الطفل ليست له المقدرة لاستيعاب الجمل الطويلة فيضيع معناها. واغلب هذه الجمل فعلية، حيث تبدأ بفعل ليبين حركة الشخوص داخل الحدث العام: << وشتمه الأمير في سرهن وسار وقد خامرته الشكوك في أمر صحته، وبدأ يتحسس فعلا بأن وجهه ممتقع، ومشيته متثاقلة. وشعر بضعف عام . فذهب إلى قبة نومه ، ودخل فراشه ، وقد بدأ قلبه يدق>>( ص: 21).
كما أنه استعمل بين هذه الجمل علامات الترقيم التي تحدد عناصر الجمل ن حتى يتسنى للطفل الوقوف في أماكن الوقف، وتغيير نبرات الصوت، والتعبير عن الحالات الواردة في النص القصصي. زيادة على انه استعمل في حواراته الأسلوب المباشر، كقال، وقالت، ورد، وأجاب.
وفي القصة – أيضا- وظف عبد السلام البقالي الكلمة ومرادفها، حيث إن الكلمة مردفة بكلمة تؤدي نفس المعنى مثل: (ولي عهده، ووارث ولايته- حيوان أعجم لا يتكلم- المذلة والقهر- تكبر وتتضخم- يتقلص وينكمش ويصغر- ضآلة وصغر- اندهاشا واستغرابا- غراب البين والنحس والشؤم- ما لذ وطاب...). والغرض من توظيفها غرض تعليمي صرف. وهو تنمية الرصيد المعجمي لدى الطفل .
كما انه استعمل في بعض الجمل الكلمة وضدها، مثل: ( ينفتح وينسد- تحاول الوقوف فتنزلق- كان كامل الريش وهذا منتوف- تغير من أسوأ إلى أحسن- القرى والمدن...). كما أن اللغة بسيطة واضحة، مفهومة. زيادة على بساطة اللغة وظف بعض الكلمات الجديدة على الطفل لإغناء رصيده اللغوي، من مثل: (تكخكخ- زعيق- زمت- فضفض- أقصى- المسح- تؤول- دهليز- خامر- ممتقع- الرغبة المكبوتة- الحنق- غرغر). هذه المرادفات الجديدة تنمي حصيلته اللغوية، وتوسع مداركه المعرفية. كما أن شكلها يزيد من قدرته في السيطرة على اللغة، وتنمي لديه التذوق الأدبي. كما أنها تساعد على امتلاك قدرات القراءة ومهارتها.
والقصة تمتاز بالتشويق والخيال، وربط الأحداث زيادة على وجود رسوم جميلة معبرة مرافقة للحدث، لترسيخه لفظا وصورة في ذهن الطفل، وإعطائه حدثا ثانيا إلى جانب اللغة بواسطة الرسم، لأن الرسم احد أشكال التعبير، ولو أن هذه الرسوم غير موقعة لا ندري من صاحبها، أهي للكاتب أو لدار النشر..//..


* نشرت في الميثاق الثقافي 1992- والبيان الثقافي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
استبطان الوعي الداخلي للشخصيات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سرتا الأدبية :: المنتديات المتخصصة :: منتدى النقد الأدبي-
انتقل الى: