منتديات سرتا الأدبية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات سرتا الأدبية

اقرأ ففي البدء كانت الكلمة..و في النهاية تبقى الكلمة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 النعمة الكبرى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حسين




ذكر عدد الرسائل : 11
تاريخ التسجيل : 14/09/2008

النعمة الكبرى Empty
مُساهمةموضوع: النعمة الكبرى   النعمة الكبرى Emptyالجمعة سبتمبر 19, 2008 7:08 pm

النعمة الكبرى



الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وعبده، أما بعد..

فإن من المعلوم للعقلاء أن الناس لا تنتظم حياتهم ولا تأمنُ سبلهم، إلا بحاكم يسوسهم، فإن لم يكن لهم حاكمٌ عمت بهم الفوضى، واستشرى بهم الجهل، وانتشر بينهم العدوان.

من أجل ذلك كانت عقيدة أهل السنة والجماعة: أن نصب الإمام فرضٌ واجبٌ على المسلمين، وهذا بالاتفاق.

وإجماعُ الصحابة بعد موتِ النبي صلى الله عليه وسلم على نصبِ الإمام قبل الاشتغالِ بدفنه لأكبرُ دليل وأعظمُ حجة على أن هذا الأمرَ من أهمِّ الواجبات.

وكان من المسائل التي خالف النبيُّ صلى الله عليه وسلم فيها أهلَ الجاهلية، أنهم كانوا يرون الطاعة للأمير ذلاٍّ فجعلَها طاعةً لله وقربةً كما قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}.

ولا يشترط في الطاعةِ أن يكون الحاكمُ معيناً ممن كان قبله أو مبايعاً من الناس، بل لو غلب الحاكمُ الناسَ على الحكم وجبت طاعته وهذا بالإجماع، قال ابن حجر رحمه الله : "وقد أجمع الفقهاء على وجوبِ طاعةِ السلطانِ المتغلب والجهادِ معه، وأن طاعته خيرٌ من الخروج عليه، لما في ذلك من حقنِ الدماء وتسكين الدهماء".

ونصبُ الإمامِ من النعمِ التي يحمدُ اللهُ عليها، لأن الناس طُبعوا على الفوضى وحبِّ التملك والاستئثار، فلو لم يكن عليهم سلطانٌ يسوسُ أمورهم لكانوا كوحوش الغاب يأكل القويُّ الضعيف.

وإذا أردت أن تعرف كيف تنتشر الفوضى عند غياب الحاكم فتأمل في (إشارات المرور) كيف تنظم السير، فإذا تعطلت رأيت فوضى عارمة وتناحراً شديداً، كلٌّ يريد المرور ويرى أن له حقا، ويحصل الاختناقُ الشديدُ في السيارات، وقد يرتقي الأمر إلى السبابِ والشتامِ والضرب حتى يجيء شرطي المرور فيحتاج إلى وقتٍ لتنظيم هذا السير وفك هذا الاشتباك.

فإذا كان هذا في إشارة المرور؟! فكيف ببلدٍ ينـزع فيها السلطان أو يضعفْ، فلا سلطانَ فيها يُحكِمُ أمرَه، وينصفُ أصحابَ الحقوق، ويمنعُ المظالم وينظمُ أحوالَ الناس في معاشهم؟!

ولأجل كل هذا.. تجدُ أنه حين ينتشرُ الرعبُ في بلادٍ لا سلطانَ لها، ترى أن أهل تلك البلادِ يتمنون أن يحكمهم حاكمٌ أيا كان.. ولو كان طاغية على أن يأمنِّهم في مساكنهم وينظم حياتهم.

فإذا تَحَقَقَّتْ ذلك أيها المسلم.. علمت شمولية الإسلام ورحمته ودقته، فحمدت الله عليه.

إن وجود الحاكم نعمةٌ عظمى للناس، فإن كان براً مطيعاً فهو السعادة التامة، وإن كان فاجراً، فلما يصلح الله به أكثر مما يفسد ـ ويكفي أنه يحقن دماء المسلمين ـ.

ولذلك قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: "سلطانٌ عادلٌ خير من مطر وابل، وسلطانٌ غشوم خيرٌ من فتنة تدوم".

وتأمل في فقه الصحابة الأطهار وسلف الأمة الأبرار الذين أوتوا العلم والزكاة كيف عرفوا الأمر حق المعرفة فقدروا له قدره.

قال علي رضي الله عنه: "لا يُصلِحُ الناسَ إلا أميرٌ برٌّ كان أو فاجراً، قالوا يا أمير المؤمنين: هذا البر فكيف بالفاجر؟!

قال: إن الفاجر يُؤمِّنُ اللهُ عز وجل به السبل، ويجاهَد به العدو، ويجيء به الفيء، وتقام به الحدود، ويُحج به البيت، ويعبد اللهَ فيه المسلمُ آمنا حتى يأتيه أجله".

وقال عبد الله بن المبارك:

لولا الأئمةُ لم تأمن لنا سبلٌ وكان أضعفنا نهباً لأقوانا

لله درهم ما أفقههم.

وقال الطرطوشي في قوله تعالى: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض}.

قال: "لولا أن الله تعالى أقام السلطان في الأرض يدفع القوي عن الضعيف، وينصف المظلوم من ظالمه لتواثب الناس بعضهم على بعض".

ومن تأمل هذه النصوص علم فقه السلف، وعلم حكمة الله العظيمة في أن جعل للناس إماماً يسوسهم وأوجب عليهم طاعته، فكل ذلك يعود عليهم بالمصلحة وحفظ الأنفس والأموال والأعراض، ولولا ذلك لم ينتظم لهم حال، ولم يستقر لهم قرار، فتفسد الأرض ومن عليها.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "السلطان ظل في الأرض، من أكرمه أكرمه الله، ومن أهانه أهانه الله".

قال أهل العلم: كما أن الظل يلجأ إليه من الحر والشدة، فكذلك السلطان يأوي إليه الضعيف وبه ينتصر المظلوم، فإن الظلم له وهج وحر يحرق الأجواف ويظمئ الأكباد، فإذا أوى إلى سلطان سكنت نفسه، وارتاحت في ظل عدله، ومن أكرم سلطان الله في الدنيا، أكرمه الله يوم القيامة.

وقال الحسن ـ رحمه الله ـ في الأمراء:

"هم يلون من أمورنا خمساً: الجمعة والجماعة والعيد، والثغور، والحدود، والله ما يستقيم الأمر إلا بهم وإن جاروا أو ظلموا، والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون".

ولذا فإن من الواجب على الرعية توقير حاكمهم المسلم طاعة لله ورسوله واعترافاً بفضله عليهم في تأمين سبلهم ومعايشهم.

قال صلى الله عليه وسلم: "من أهان سلطان الله أهانه الله".

ولما خرج أبو ذر إلى الربذة، لقيه ركب من أهل الفتن، فقالوا: يا أبا ذر، قد بلغنا الذي صنع بك، فاعقد لواءً يأتك رجال ما شئت، قال: مهلاً مهلاً يا أهل الإسلام فإني سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول: "سيكون بعدي سلطان فأعزوه، من التمس ذله ثغر ثغرة في الإسلام، ولم يقبل من توبة حتى يعيدها كما كانت".

رضي الله عنه.. ما أراد دنيا ولا زاحم عليها كما يفعل الخوارج، الذين لو عرض عليهم هذا العرض لتسابقوا إليه واغتروا به ورأوه فرصة لتحقيق دنياهم بدمار دنيا غيرهم ودينه.

ولذلك.. كلما تجرأ الناس على الحاكم اختل الأمن وتزعزع الهدوء وقديماً قيل: "الملك هيبة".


المصدر السابق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
النعمة الكبرى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سرتا الأدبية :: المنتديات المتنوعة :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: