رمضان بطرق بابنا نحن الأمة الإسلامية.. وعلى امتداد أيامه ولياليه، تغشى أفئدة المسلمين السكينة والروحانية. فما معنى رمضان؟ والصوم لغة؟..
ورد في الصحاح للجوهري قول الخليل بن أحمد: الصوم: قيام بلا عمل. والصوم الإمساك عن الطعام. وصام الفرس صوما: أي قام على غير اعتلاف. قال النابغة الذبياني:
خيل صيام وخيل غير صائمة
تحت العجاج وأخرى تعلك اللجام
وصام النهار صوما: إذا قام قائم الظهيرة، واعتدل. والصوم ركود الريح. ويقول ابن فارس في مقاييس اللغة: << الصاد والواو والميم أصل يدل على إمساك ما منعه. ويكون الإمساك عن الكلام صوما، كما في قوله تعالى: << إني نذرت للرحمن صوما>>. والصوم ركود الريح، واستواء الشمس عند منتصف النهار>>.
وفي لسان العرب لابن منظور: << الصوم في اللغة الإمساك عن الشيء، والترك له. وقيل للصائم صائم لإمساكه عن الطعام. وقيل للفرس لإمساكه عن العلف مع قيامه. وقال أبو عبيدة: كل ممسك عن طعام أو سير، فهو صائم>>.
أما عن رمضان، فقد جاء في تسميته وجوه كثيرة. وكلها تدل على أن هذا الشهر كان يقع في أيام الحر الشديد.
فالرمض: شدة الحرارة. فرمض اليوم، يرمض رمضا، أي اشتد حره. والرمض أيضا: شدة وقع الشمس على الرمل وغيره. وحر الحجارة من شدة الشمس. ولذا يقال: أرض رمضة الحجارة.
ويذكر ابن دريد أن القدامى عندما نقلوا أسماء الشهور العربية، كانوا يسمونها بالأزمنة والأوقات التي كانت تأتي فيها هذه الشهور. ووافق رمضان أيام رمض- شديدة الحرارة- ولذا سمي كذلك.
ويقول الشاعر في الرمضاء:
المستجير بعمرو عند كربته
كالمستجير من الرمضاء بالنار
واختلفوا في اشتقاق رمضان، فقال الزمخشري: رمضان مصدر رمض. وقال الخليل: هو مأخوذ من الرميض: وهو السحاب والمطر، ما كان آخر القيض واول الخريف. وقيل من الرمض: وهو مطر يأتي قبل الخريف يطهر وجه الأرض من الغبار، وقيل اشتقاقه من رمضت النصل أرمضة، رمضا، إذا جعلته بين حجرين أملسين ورققته ليرق. سمي بذلم لأنهم كانوا يرمضون فيه أسلحتهم ليقضوا منها أوطارهم قبل دخول الأشهر الحرم.
وقيل مشتق من: رمضت في المكان: يعني احتبست، لأن الصائم يحتبس عما نهى الله عنه. وقيل يرمض الذنوب: أي يحرقها بالأعمال الصالحة.
ورمضان كان يسمى في الجاهلية( ناثقا)، وسمي كذلك لأنه كان ينثقهم، أي يزعجهم بشدته عليهم، أو لكثرة الأموال التي كانت العرب تجبيها فيه ، من قولهم: نثقت المرأة: أي كثر عيالها..
والصوم عبادة قديمة، كما أكدتها الآية الكريمة: << يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون>>. فلقد صام المصريون القدامى منذ أزمان بعيدة، وكانوا يصومون من طلوع الشمس إلى غروبها. كما عرفه الهنود منذ ما قبل الميلاد كجزء من عبادتهم التي تقوم على تطهير النفس بالرياضة الشاقة. وأيضا صام المجوس واليونان والرومان والصابئون.
وقد فرض الصيام في شهر شعبان من السنة الثانية لهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم بعد نزول الآية الكريمة: << يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام....>>إلى آخر الآية>>ولهذا وجب صيام شهر رمضان امتثالا لأمر الله تعالى:<< فمن شهد منكم الشهر فليصمه>>>.
والصوم بذلك فريضة على المسلم العاقل، البالغ. وهو ركن من أركان الإسلام. وقد وعد الله الصائمين بالجزاء الأوفى. فقد ورد في الحديث القدسي: << كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به>>..//..
