منتديات سرتا الأدبية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات سرتا الأدبية

اقرأ ففي البدء كانت الكلمة..و في النهاية تبقى الكلمة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الإبداع الشبابي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
mohamed
زائر




الإبداع الشبابي Empty
مُساهمةموضوع: الإبداع الشبابي   الإبداع الشبابي Emptyالسبت سبتمبر 08, 2007 4:53 am

الإبداع الشبابي*


يقول ميخائيل نعيمة في مقالة تحت عنوان( المقاييس الأدبية): << بماذا نقيس هذه القصيدة أم تلك المقالة، أو القصة، أو الرواية؟..أمن حيث طولها، أم قصرها، أم تنسيقها، أم معناها، أم موضوعها أم نفعها؟. أم نقيسها بإقبال الناس عليها، وبعدد طبعاتها؟، أم يستحيل قياسها بمقياس واحد ثابت، لأن تقديرها موقوف بذوق القارئ. والأذواق تختلف باختلاف الناس، والأعصار والأمصار>>.
فالجزم بالأحكام القطعية يتطلب اتباع مجموعة من المقاييس التي تنتج عن حاجات نفسية وروحية- كما يقول ميخائيل نعيمة-، مثل:
• الحاجة إلى الإفصاح عن الهواجس النفسية.
• الحاجة إلى نور يهتدى به في الحياة.
• الحاجة إلى الجميل في كل شيء.
• الحاجة إلى الموسيقى.
أو عن حاجات قيمية كالطبع، والصدق، والبناء، والاحتفال الخطابي.
والمبدع الشاب عندما يرسل إبداعه إلى صفحة ثقافية- كيفما كان جنس هذا الإبداع- فإنه يرمي التواصل مع المتلقي/ القارئ للصفحة الثقافية. وان يكون هذا التواصل إيجابا لا سلبا. لأنه يؤمن في قرارة نفسه أن إبداعه خطاب، وأنه آلية إفهامية تشترط النص.
فعندما نستشف هذا الخطاب، نجده يتحدد عبر قنوات ثلاث:
- الخطاب الموضوع.
- المتلقي.
- السياق.
إذن هذا المبدع الشاب بما انه يهدف إلى تواصل أدبي رفيع، لا بد أن يتوفر على قدرة تواصلية، والتي تنبني فيه على خمس ملكات:
- الملكة اللغوية.
- الملكة المنطقية.
- الملكة المعرفية.
- الملكة الإدراكية.
- الملكة الاجتماعية.
لكن السؤال المطروح هو: هل بإمكاننا التفريق بين ما هو إبداعين وما هو إنتاجي؟. هل كل ما ينشر ويكتب يعتبر أدبا إبداعيا؟.
كما يقول الدكتور أحمد الطريسي أعراب: القارئ حين يقبل على قراءة عمل ما ، يجد فيه شيئا من نفسه، وطموحاته، وآلامه. كما أن هذا النص الذي يجد فيه بعضا من نفسه، تكون صوره منسجمة، ومتناغمة، ومتلاحمة، بحيث نشعر أمامها بسحر التوحد، وروعة الالتحام. ألا يمكن أن يكون هذا مقياسا للمفاضلة والموازنة بين إبداعات الشباب؟.
وعندما نتحدث عن الإبداع الشبابي، تتمظهر أمامنا المراحل الكرونولوجية للإبداع المغربي عامة. فماذا نعني كمصطلح بأدب الشباب؟. هذه التسمية السبعينية ، والتي نجدها في كتابات الأستاذ نجيب العوفي( درجة الوعي في الكتابة)، أما زالت صالحة لجيلنا الجديد؟.
أهي إشارة إلى ولادة شعرية جديدة لها حساسياتها الفنية الخاصة؟. فالشباب فورة، حيوية، ثورة. والشباب المبدع تواق إلى التميز، والتخطي، والظهور وبسرعة. فهو يختلف عن الجيل السابق الذي بهرته ثورة ماو، وتشي غيفارا، وصخب البيتلز، وخنوع الهيبز، يختلف عنه بسرعته، وسقوط كل الإيديولوجيات في عصره، والقيم. من هنا نجد أكثرية الشباب يميل إلى الشعر أكثر من الأجناس الأخرى، ليخرج طاقاته، وينفس عن مكبوتاته. فالشعر نهر شعور دافق، لذا يجد فيه الشباب الوسيلة لتصوير النفس، والتلهج بمفاتن النفس، وتحرقاتها. هذا يدفع بالكثير منم إلى الانغماس في الصورية، والرمزية والانوية، والتمركز حول الذات. الشيء الذي يؤدي بكثير منا إلى القول بأن كتابات الشباب تمتاز بالغموض والانغلاق، والتسرع، والفوضى.
لكن كما نعرف غموض الشعر قيمة جمالية وفنية. وفي نظر البنيويين، النصوص الإبداعية تكتسب غرابتها من خلال تدخل أصحابها تدخلا مباشرا في اختيار اللغة والإيقاع، والتشبيهات، والاستعارات، والصور. وذلك من أجل أن تؤدي إلى غرض مقصود. وتهدف إلى أشياء بعينها. فعملية الانزياح أو الخرق، أو الخروج عن السياق المتواضع عليه، عملية مقصودة من اجل إثارة شعور القارئ بأنه أمام نص غير عادي.
فالنص يصبح بعد ذلك ذا وظيفة تأثيرية على الجمهور . فالغموض، والخروج عن المألوف دليل على القوة التخييلية في النص ولدى المبدع، والتي تلخص نظرته إلى الوجود.
من هنا نطرح مقومات الإبداع الشعري كمقياس أيضا، والذي يمكن حصره في الفردية، والجمال، والخيال، والوحدة الجوهرية للشعر، والانقطاع عن النموذج الموروث. ولكن لماذا ننعت إبداع الشباب بالغموض؟. ألا يشبه هذا ما كان موجودا في الخمسينيات، وما أطلق عليه ب( سلطة الحكم). وهو إعطاء أحكام نقدية يقينية دون طرح أسئلة. وبذلك نتج عن هذا ظهور نقد يبحث في النواقص،
والمعايب، والمفاضلة بين الشعراء والتي لا أساس لها بالنظر إلى القيم الشعرية التي تتغير من شاعر لآخر، ومن جيل لآخر .
ومن هنا نقول مع المرحوم عبد الله راجع، إننا لا نستطيع قطعا أن نفهم التركيب لو حاولنا النفاذ إليه من خلال الدلالات القاموسية لمكوناته. فالتركيب المتضمن للألفاظ المضادة يثير القارئ لأول وهلة بغرابته. ويبدو كما لو أنه محاولة مقصودة لضرب القارئ فيما يملك من ثروة لغوية، زكتها قرون الاستعمال.
إنه محاولة ضغط موجهة ضد القارئ الذي فرض عليه النص أن يتحول إلى فاك للرموز. لكن سرعان ما يتغير حين نؤمن بأن هذه اللغة التي سميناها قمعية، هي كذلك لأننا حاولنا أن ننظر إليها سواء من خلال القاموس، أو من خلال الاستعمال المتواضع عليه. في حين أننا لو أولينا الجانب النفسي، وعدم قدرة اللغة العادية على نقل تعقيدات التجربة، وتشابكها، اهتمام أكثر لكان الأمر غير ما هو عليه.
إن الشاعر الشاب ملزم بأن يجهد نفسه أكثر حتى يتمكن من تمرير رسالته. فهو لا يتوفر على الوسائل التي تمكنه من أن يستعيض عن الصور البلاغية القائمة على التضاد، والتنافر، وعدم الملاءمة الدلالية بوسائل أكثر بساطة، ووضوحا. وحتى لو آمنا بوجود هذه الوسائل في مجال الكتابة الشعرية لانتفى الشعر عن أن يكون شعرا. ذلك أن الشاعر لا يريد أن يصل بالقارئ إلى الهدف عن طريق خطى عادية، وإلا تحول عمله إلى مجرد نثر. فالقصيدة كما يقول بول فاليري: مشية ولكنها مشية راقصة .
فيجب أن نفهم أن اللغة في النص الشعري الشبابي تنفلت من شرنقة معجمها العادي. ولكي نصل إلى مستوى اللغة الإيحائي والانبثاقي، لا بد من اختراق مستوى اللغة العادي. فهو الطريق الموصلة إلى لغة الرؤيا، لغة التفجير.
إن الشباب يحاولون قدر الإمكان أن يخلقوا في نصوصهم بنية إيقاعية، والتي تضبط حركة النفس في الصعود والانخفاض. لأنها ليست قصيدة تفعيلية، أو قصيدة شعر حر، وإنما هي قصيدة نثر أو نثيرة.
نعم هناك قصائد شبابية يقل فيها الانسجام أو ربما ينعدم بين المتنافرات من الأصوات، والأنغام، وبالتالي يظهر الانفعال والتبديل، والتكلف.
أما عن الحب، وانغماس الإبداع الشبابي في الحب. فالقصيدة العربية منذ نشأتها إلى اليوم تغرق في الحب، ولا تخلو من الحب، وتتغنى بالحب سلبا أو إيجابا. ورسول حمزتوف في أحد استجواباته أكد أن الحب كالملح بالنسبة لطعام، لا يمكن أن نحيا بدون حب. ولذا لن نلوم شعراءنا الشباب عن تغنيه بالحب، فعندما تنضج تجربته سينقل حبه من ذاته إلى الكون، والإنسانية ، والوجود..//..


*- نشرت على صفحات الميثاق الوطني ليوم: السبت 5/ 6/ 1999
- نعيمة، ( ميخائيل)، الغربال، مؤسسة نوفل، بيروت، لبنان، ط10،1975، ص: 67.
- الدكتور الطريسي أعراب، ( أحمد)، الرؤية والفن في الشعر العربي الحديث بالمغرب، الدار العالمية للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، ( د- ت)، ص: 35.
- راجع، ( عبد الله)،القصيدة المغربية المعاصرة، بنية الشهادة والاستشهاد، منشورات عيون مقالات، ج1، ط 1، الدار البيضاء، 1987، ص: 26/27.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإبداع الشبابي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سرتا الأدبية :: المنتديات المتخصصة :: منتدى النقد الأدبي-
انتقل الى: