التفكير في الصحة العقلية للأطفال من أولى الأولويات. فعندما نلاحظ الجرائد،والمجلات المخصصة للأطفال،والمراهقين،نجد أكثرها يغري بالمشاهدة،من حيث الألوان،والإخراج،والصور،ونوعية الورق. وهي إصدارات كلها أجنبية.كسلسلة المكتبة الخضراء،وطرزان، وسبيرو،وميكي ماوس،وسوبرمان،وغيرها.
ويتساءل الكثير- وبدون جدوى- عن الدافع الذي يدفع هؤلاء القراء الصغار إلى الشغف بهذه الإصدارات،وماذا يجدون فيها من جمال ومتعة،ولذة وقيمة. ففي فرنسا مثلا،رغم قانون 20يوليوز،الصادر بتاريخ1949،والذي ينص على أن تكون هناك رقابة صارمة على المطبوعات ت الموجهة للأطفال،والشباب؛ فإن كثيرا من الإصدارات الرديئة والمشوشة ما زالت تصدر،والتي تحرف السلوك،والأخلاق.
والسؤال الذي يطرح نفسه،هو: ماذا يجب أن نمنع عن الأطفال؟.
1- الجرائد الخطيرة. وهي:
أ)- الجرائد ذات الإخراج الرديء،من حيث الصورة والألوان،والطباعة.وذات المعلومات الكاذبة غير الصحيحة.
ب)- المطبوعات القليلة النصوص.فكل نص يجب أن ترافقه صورة،كي لا يتعب الطفل في استعمال تفكيره،وذكائه وهو يستقرئ الصور.أو أن نرفق الصور بنصوص سليمة اللغة،سهلة الأسلوب،خالية من لغة الشارع،أو لهجة محلية.
ج)- المنشورات التي تعتمد على صور الجريمة،والمشاهد الخليعة- كصحافة الرصيف- والمشاهد الساخنة،ومشاهد الحرب والدمار. ومشاهد البطولة الكاذبة،والمغامرات الخيالية،مثل:الرجل العنكبوث، والسوبرمان.
2- الجرائد المشوشة. وهي:
أ)- المنشورات التي تشوه أفكار الأطفال،حيث تقدم لهم الحقائق،والواقع بمنظور مغاير
شخصيات،أطفال في أسر غنية،خدم وحشم...).أو تقدم لهم حكايات مغلفة بعواطف أجاجة،أو حكايات فجة،الغاية منها استدرار شفقة القارئ/الطفل،وعطفه،وتضامنه.
فهذه المنشورات تقدم للأطفال نظرة خاطئة عن الأشياء نظرة عكسية للبطولة،والشجاعة،والنبل،والشهامة.مثل منشورات: طرزان- بييرو- بليك- كيوي...
ب)- الجرائد ذات توجه سياسي،أوإيديولوجي . فلماذا نحشر أطفالنا في خصومات الكبار؟.ولماذا نرمي بهم في عالم السياسة العفن؟.
لكن ما هي الجرائد،والمنشورات التي يمكن تقديمها للأطفال؟.
هي قليلة.لأن الكتابة للأطفال صعبة.وقد كانت هناك تجربة رائدة لجريدة الاتحاد الاشتراكي،بإصدارها لملحق الطفولة،ولكن توقفت هذه التجربة.والذي يتبادر إلى الذهن هو:كيف نجعل الأطفال يهتمون بما ينشر،ويقبلون على اقتنائه وقراءته؟.
-1- -يجب أن تكتب النصوص والمقالات من طرف الأطفال أنفسهم؛كما نجد في les enfantines ل(فريني ).وهذا المنال صعب مادام أطفالنا في مجتمع لا يقرأ،ولا توجد في قاموسه كلمة اقتناء كتاب.
2- المنشورات التي تجلب الأطفال،هي:المنشورات ذات الأدب الرفيع،والأسلوب السهل ،الجيد،والإخراج العالي،والهادفة.مثل: روبنسن كريزووي- مغامرات غيليفر- أليس في بلاد العجائب- وكتابات جيل فيرن...).
3- الحكايات المأخوذة عن روائع الكتاب والأدباء.
4- كل المنشورات،والمطبوعات على مختلف أحجامها،وأشكالها باللغتين،والموجهة للأطفال.وفي بحث للدكتورة آسية أقصبي(1) ،تبين أن الأطفال قبل 8أو10 سنوات يبحثون عن أسس الهوية الو الدية. وبعد هذه السن فإنهم يبحثون عن المثال الذي لا يشبه آباءهم،مثل الأبطال،والمغامرين وغيرهم.وهذه عناوين للأطفال في سن أقل من 10سنوات
كولومبو- ميشيل ستروغوف- 20.000 مكان تحت البحار- سطرا نج- نصر النبي- حياة الأنبياء- معارك الثغور- أميرة البحر...).
وهذه عناوين للبنات في سن أقل من10 سنوات
مارتين- المرآة السحرية- الكونتيسة دو سيفور- بيكسو- بيف...).
فالأولاد والبنات يحبون كتب(والت ديزني) الملونة.والتلفزيون يلعب دورا في ذلك.من هنا نتساءل: كيف يحصل الأطفال على مقروء اتهم؟.وماذا يقرأون؟.
إن الطفل المغربي يجب أن يعيش في بيئته،وفي واقعه اليومي. وهو يفضل القصص القريبة من واقعه،ومن نفسه،وأسرته.وتستعرض أيضا حوادث الحياة اليومية.
ففي سنواته الأولى يحب قصص الحيوانات. وعندما يكبر،وتنمو قدراته العقلية،يميل إلى الاهتمام بالمعارف العامة،وقصص التاريخ،والبطولات،والاختراعات. لكن اللافت للنظر هو أن بعض الظواهر السلبية تنتشر في أدب الأطفال،وقصصهم،ومجلاتهم. ومنها:
- قصص السحر والجن.
- قصص الخوارق. وهي ضارة لبعدها الشديد عن الواقع.
- قصص الجريمة والعنف. والجنس أحيانا .
كما أن الآباء لا يهتمون بالكتب. والأطفال لا يزورون المكتبات،ولا يتوجهون إليها كما يذهبون إلى السينما.ولا يقرأون لأن جل وقتهم يقضونه أمام التلفزة. زيادة على غلاء الكتب خاصة الأجنبية،وأيضا رداءة الكتب العربية من حيث الإخراج. الشيء الذي ينفر الأطفال،ويجعلهم يعزفون عن قراءتها.
كما أن المعلمين لا يفرضون كتبا معينة للقراءة.لأن الفروض،والواجبات المنزلية لا تترك للأطفال وقتا للقراءة الحرة والمطالعة.
لهذا وجب الاهتمام بالإعلام الموجه للطفل لأن دوره وآثاره على الطفل كبيرة.ويمكن إجمال هذه الأدوار،والآثار في:
- تنمية الجانب المعرفي لدى الطفل.وزيادة حصيلته الثقافية والعلمية.
- تنمية وصقل مهاراته القرائية،وتعليمه مفاهيم تربوية وسلوكية.
- الارتباط بالمجتمع والتعرف عليه.
- إكساب الطفل خبرات جديدة في الحياة.
- الترويح عن النفس وشغل وقته بما يفيد.
- منحه قدرا من السرور،والمتعة.
- تنمية قدراته العقلية،ومستوى الذكاء لديه.
- تنمية الذوق الجمالي والفني لديه..//..
المراجع
1- المناظرة الوطنية حول الطفل ووسائل الإعلام بالمغرب7و8أكتوبر1998.
2- د. إبراهيم الأحمد،(مالك)،نحو مشروع مجلة رائدة للأطفال،كتاب الأمة
محمد داني
