قصة
حوار خاص بين نورا وحيدر
د. تيسير الناشف
في المطبخ الواسع المطل على حديقة الورود التي تكسوها الأشعة الباهتة في الحاضرة قالت نورا لزوجها بلهجة جادة يتخللها الغنج: "أنا مستاءة منك".
حيدر (مقطبا بين حاجبيه مستغربا): لماذا، يا حبيبتي؟
نورا (والكلمات منطلقة من فمها): الإشاعات تقول إنك تحب كاندي.
حيدر (بسرعة مع إبداء ضيق صدره بالجواب): هذا هراء. لستُ معجبا إلا بطاعتها لي. أنا أطيعها وهي تطيعني. أنظري كيف تشارك في توسيع حدود الدولة.
نورا (بعبارة مؤكدة): ولكن الدولة كانت قائمة بدونها.
حيدر (قال وإمارات السرور بادية على وجهه بينما كان يقترب منها): نعم، ولكن بالإصغاء إلى نداء التاريخ ستزداد الدولة نفوذا.
نورا: الرجاء ألا تدنو مني.
حيدر: لم أقبّلك منذ وقت.
نورا (وهي تنأى بنفسها عنه قليلا): لا أطيق رائحة النبيذ في فمك.
حيدر (متهيجا بعض الشيء): أنت زوجتي ومن حقي أن أقبّلك.
نورا (باعتزاز أنثوي): أنا زوجتك وليس من حقك أن تقبلني أو تلمسني رغما عني. أنا أعاف رائحة النبيذ.
حيدر (متذكرا): هذا ليس جديدا. ألا تذكرين تمتعي بالشرب قبل ثلاثين سنة. نفس العادة، غير أن النبيذ يبدو أكثر تركيزا في هذه الأزمنة.
نورا: الأوقات تغيرت. لا أحب أن تفعل الآن وأنت رئيس هذه الدولة العظيمة ما اعتدت على فعله وأنت في الثلاثينيات.
حيدر (مبيّنا): ما اعتدت على فعله وأنا شاب أواصل فعله وأنا في الستين في هذا البيت العظيم.
نورا: لا أدري ما إذا كان في مصلحة بلدنا أن يكون رئيسه رجلا معتادا على تناول هذا الكم من المشروب.
حيدر: هل تدرين يا حبيبتي أنني ازداد تمتعا بممارسة السلطة الرئاسية وأنا منتش. حينها أشعر كأنني محلق فوق السحب.
نورا (باهتمام باد): إذن الأفضل لك يا عزيزي أن تغادر مكتبك حينما يتملكك هذا الشعور. يا رب، ترتعد فرائصي من توجيه دفة السفينة من قِبل رجل رأسه مصاب بالصداع.